الأسباب التي أَطلقت الهجوم الشامل على تنظيم "داعش"

الجمعة 10 كانون الثاني 2014،  9ناجي س. البستاني - مقالات النشرة
تعرّضت وحدات تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" المعروفة إختصاراً بإسم "داعش"، لهجوم شامل على الكثير من مواقعها في سوريا، من قبل ثلاثة تشكيلات كبيرة من مقاتلي المعارضة السورية. فما هي خلفيّات هذا الهجوم المفاجئ وغير المسبوق؟ وأيّ تداعيات له؟
أوّلاً: تدهور العلاقات بين "داعش" ومختلف باقي التنظيمات المسلّحة المصنّفة ضمن خانة المعارضة السورية، نتيجة إرتكابات عدّة من مسلّحي "داعش"، كان آخرها قتل الطبيب حسين السليمان وهو أحد قادة "الجبهة الإسلاميّة" ويتمتّع بشعبيّة واسعة في صفوف المعارضة.
ثانياً: وجود جوّ جماهيري مُمتعض من مسلّحي "داعش"، ومن قيامهم بفرض مُعتقداتهم الدينيّة بالقوّة على الجميع، وتطبيق عقوبات قاسية تصل إلى حد التعذيب والقتل ضد المخالفين، علماً أنّ المجتمع السوري يعيش منذ عقود عدّة في أجواء شبه علمانيّة، إلى درجة أنّ بعض الإدانات ضدّ تصرّفات مسلّحي "داعش" صدرت أيضاً على لسان رجال دين وعلماء فقه.
ثالثاً: قيام مجموعات "داعش" المسلّحة بالسيطرة على مناطق حدوديّة عدّة، سبق لمقاتلي المعارضة السورية أن اقتحموها بعد معارك ضارية مع الجيش السوري، وآخرها معبر "باب الهوى" مع تركيا، الأمر الذي جعل كل الإمدادات العسكرية واللوجستية تُصادر من قبل عناصر "داعش"، وتخضع بالتالي لمزاجيّتها.
رابعاً: رفع "حركة أحرار الشام"، وهي إحدى أهمّ مجموعات المعارضة السورية، الغطاء عن "داعش"، بعد تعرّض قواعدها العسكريّة، خاصة في حلب، لهجمات من قبل مقاتلي هذه الأخيرة، وبعد تعرّض عدد من مسؤوليها الميدانيّين للإعتقال أيضاً.
خامساً: قيام كل من الولايات المتحدة الأميركيّة وبريطانيا بتعليق مساعداتهما العسكرية غير الهجوميّة إلى الشمال السوري، إعتباراً من 11 كانون الأوّل الماضي، نتيجة تنامي قوّة التنظيمات المُتطرّفة المرتبطة بتنظيم "القاعدة" الإرهابي.

سادساً: تزامن الحملة على تنظيم "داعش" في سوريا، مع الحملة ضدّه في العراق، إن من قبل العشائر المحلّية أو الجيش العراقي، بحيث أنّ التنظيم يمرّ بحال من التضعضع المناسب للإنقضاض عليه.
سابعاً: إقتناع العديد من مسؤولي "الجيش السوري الحرّ" بأنّ كلاً من تنظيم "داعش" وجبهة "النصرة" قد إخترقا من قبل النظام السوري، علماً أنّ معاركهما تتركّز مع قوات المعارضة ومع تنظيمات الأكراد، أكثر منه مع الجيش السوري.
ثامناً: سعي المعارضة السوريّة إلى إمتلاك ورقة تفاوض أساسيّة قُبيل إنطلاق أعمال مؤتمر "جنيف 2" في 22 من الشهر الحالي، كما هو مُقرّر، من خلال فرض سيطرتها على أوسع مساحة جغرافية ممكنة في محاولة لإيجاد نوع من التوازن الميداني مع النظام السوري وجيشه، ومن خلال إظهار الإستعداد لقتال التنظيمات التي يُصنّفها الغرب إرهابيّة بهدف كسب دعم الدول الغربيّة خلال فعاليّات المؤتمر.
تاسعاً: محاولة إسقاط مقولة النظام السوري الذي لم ينفكّ منذ بداية الأزمة الدمويّة قبل نحو ثلاث سنوات، من وصف ما يجري بحرب مفتوحة ضد الإرهاب، وذلك من خلال إظهار تمايز الكثير من تنظيمات المعارضة المسلّحة، حتى التي تتكتّل في تجمّعات إسلاميّة وليس "الجيش السوري الحرّ" فحسب، عن التنظيمات المُتطرّفة التي حرفت أهداف "الثورة"، والتي منحت النظام السوري ورقة مهمّة لصالحه في حربه الإعلامية الدولية ضد المُنتفضين عليه. 
وفي الخلاصة، إنّ الإنتصار الميداني الذي حقّقته وحدات من المعارضة السورية المسلّحة على مقاتلي تنظيم "داعش" في الأيّام القليلة الماضية، يمكن أن يُستثمر إيجاباً في أيّ مفاوضات مقبلة، وكذلك في أيّ محادثات مع ممثّلي الدول الغربيّة المناهضة للنظام السوري. لكن في حال تمكّن مقاتلو "داعش" من إسترداد ما خسروه في أيّ هجمات مضادة محتملة، فعندها تكون النتيجة معاكسة، حيث أنّ تحوّل المواجهة السريعة والحاسمة إلى حرب إستنزاف بين صفوف المعارضة لن يصبّ عندها إلا في صالح النظام السوري.
 

Advertisement

0 comments:

Post a Comment

 
Top